الإسلام السلطوي
محمد تمو
لا شكّ أنّ الإسلام هو دين عالمي جاء من عند الله رحمة للبشر، لتنظيم حياتهم الفرديّة وعلاقاتهم الاجتماعيّة، وقد جاء لتعليم الإنسان ما لم يكن يعلم منذ أبينا آدم (عليه السلام) حتى خاتم النبيّين محمد (عليه الصلاة والسلام).
والأدلّة القرآنيّة على ذلك كثيرة جداً، فعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر بعض هذه الآيات القرآنيّة التي تؤكّد على عالميّة الإسلام وأنّه هو نفس الدين الذي أنزله الله على جميع البشر كما في قوله عزّ وجلّ: {عَلَّمَ ٱلۡإِنسَـٰنَ مَا لَمۡ یَعۡلَمۡ} [العلق:5]. وقوله: {وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ} [الأنبياء:107]. وقوله: {إِنَّ ٱلدِّینَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَـٰمُۗ وَمَا ٱخۡتَلَفَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُ بَغۡیَۢا بَیۡنَهُمۡۗ } [ آل عمران:19]. وقوله: {وَمَن یَبۡتَغِ غَیۡرَ ٱلۡإِسۡلَـٰمِ دِینࣰا فَلَن یُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَـٰسِرِینَ} [آل عمران:85].
ولا شكّ أيضاً عندنا كمسلمين ومؤمنين بنبوّة خاتم النبيّين محمّد (عليه الصلاة والسلام) بأنّ رسالة الإسلام قد اكتملت بنزول آخر آية من القرآن الكريم كما في قوله(عزّ وجلّ): {ٱلۡیَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِینَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ نِعۡمَتِی وَرَضِیتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَـٰمَ دِینࣰاۚ} [المائدة:3].
ولا شكّ أيضاً أنّ الإنسان مخيّر في اتّباع هذا الدين أو رفضه، فلا يحقّ لمخلوق أن يفرضه عليه كرهاً، كما لا يحق لغير الله محاسبة الناس على خياراتهم في اتّباع هذا الدين أو ذاك حتى لو كفروا بالله نفسه، كما في قوله: {لَاۤ إِكۡرَاهَ فِی ٱلدِّینِۖ قَد تَّبَیَّنَ ٱلرُّشۡدُ مِنَ ٱلۡغَیِّۚ} [البقرة:256]. وقوله: {وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ مَاۤ أَشۡرَكُوا۟ۗ وَمَا جَعَلۡنَـٰكَ عَلَیۡهِمۡ حَفِیظࣰاۖ وَمَاۤ أَنتَ عَلَیۡهِم بِوَكِیلࣲ} [الأنعام:107]. وقوله: {لَّسۡتَ عَلَیۡهِم بِمُصَیۡطِرٍ} [الغاشية:22]. وقوله: {إِنَّ إِلَیۡنَاۤ إِیَابَهُمۡ*ثُمَّ إِنَّ عَلَیۡنَا حِسَابَهُم} [الغاشية:25-26].
فإذا كان القرآن الكريم بهذا الوضوح الذي لا يقبل الشكّ، بأنّ الله(عزّ وجلّ) قد أنزل هذا الدين شرعةً ومنهاجاً لكلّ البشر كأمر إلهيّ، ولكن بدون إكراه أو سيطرة من أحد حتّى ولو كان نبياً مرسلاً، فالسؤال الذي يفرض نفسه هو:
لماذا إذاً ظهر الإسلام السلطوي، الذي يحمل شعار:" الحاكميّة لله" ؟
يتبع..