الأسرة كبيئة أولى للتنشئة الاجتماعي
إعداد شيرين احمد
تعتبر
الأسرة البيئة الأولى والأكثر تأثيراً في التنشئة الاجتماعية، حيث تشكل الأساس
لتعلم الطفل أولى كلماته، وعاداته، وقيمه الأساسية، ومعايير السلوك المقبول في
المجتمع، فمنذ الولادة، يتلقى الطفل في أحضان الأسرة التوجيه الأولي لشخصيته،
ويكتسب مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي اللازمة للنمو السليم، مما يؤثر بشكل مباشر
على هويته الاجتماعية ونظرته للعالم.
والتنشئة
الاجتماعية عملية تعلم مستمرة مدى الحياة، غير أن سنواتها الأولى داخل الأسرة تعد
الأكثر حسماً.
تقوم
الأسرة بدورها في التنشئة الاجتماعية من خلال آليات متعددة واعية وغير واعية، فمثلاً
تعلم أطفالها العديد من السلوكيات والمعتقدات والقيم المقبولة اجتماعياً مثل
احترام كبار السن، والصدق، والتعاون.
ويكتسب
كثير من الأطفال سلوكياتهم وقيمهم من خلال ملاحظة وتقليد سلوك والديهم وافراد
أسرتهم الآخرين.
فمن
خلال التفاعلات اليومية، واللغة المستخدمة، والقصص التي تروى والطقوس الأسرية، يتم
نقل المعاني والقيم بشكل ضمني، وهذه التفاعلات تؤثر بشكل كبير على فهم الطفل
للعالم.
كما
تستخدم الأسر آليات الثواب لتعزيز السلوكيات المرغوبة، والعقاب لردع السلوكيات غير
المرغوبة، مما يساهم في استيعاب الطفل للمعايير الاجتماعية.
إلا أن
دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية يواجه تحديات متزايدة في العصر الحديث ، كتأثير
وسائل الإعلام والتكنولوجيا، تأثير جماعات الأقران، المؤسسات الخارجية، ضغوط
الحياة الاقتصادية، التغيرات في القيم المجتمعية.
على
الرغم من هذه التحديات والتغيرات المجتمعية يظل دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية وغرس القيم دوراً محورياً لا يمكن الاستغناء عنه،
بل هي الأساس الذي يقوم عليه بناء الفرد والمجتمع ، فهي المسؤولة عن غرس القيم،
وتشكيل الهوية، وتنمية الانتماء.
وعلى الرغم من التحديات التي تفرضها التحولات
المعاصرة، يظل الاستثمار في الأسرة وتنميتها هو الطريق الأهم نحو بناء جيل سوي
قادر على الإسهام في تحقيق مجتمع متماسك ومزدهر.